الأنشطة

المدونة

من محاولات تطوير التعليم الجامعي

تم النشر في 05‏/04‏/2023
الكاتب أحمد زعزع

الدراسة الجامعية ماتشكلتش من خلال عملية تطوير من خبراء تعليم وممارسين فقط. موجات من الحراك الطلابي والشعبي على مدى التاريخ في العالم، كانت موجه رئيسي لتغيير مسارات مختلفة في عملية التعليم. والبوست ده، مركز على إحدى الحركات المؤثرة في التعليم الجامعي في إنجلترا، إحتجت مجموعات كبيرة من الشباب في أوروبا وأمريكا ضد السياسات الراكدة والعنيفة في النظام التعليمي المحافظ، اللي كان بقاله فترة بيعيد إنتاج معرفة قديمة، دون انعكاس نقدي وتجاهل للواقع بمخاوفه وتحدياته في الوقت ده. ظهرت حركات طلابية في فرنسا وإنجلترا والمكسيك، بتنادي وتدعم خلق أنظمة أكاديمية جديدة، تكون مستقلة بشكل حقيقي عن نظم الاقتصاد الرأسمالي اللي إنعكست توجهاته على الأنظمة المالية للجامعات. من أهم نتاج النقاشات والحراكات في الوقت ده، كانت الحركة المناهضة للجامعات، واللي بدأت سنة في 1968 في إنجلترا. ده كان سنة بعد مؤتمر دياليكتات التحرير في كامدن، واللي من خلاله قام أكاديمي أمريكي إسمه جوزيف بيرك بجمع أكاديميين وكتاب وفنانين، لإنشاء نوع جديد من المؤسسات التعليمية.

صورة من مقال يعلن عن تدشين الحركة في لندن، عام 1968

حركة مناهضة الجامعة اشتغلت وإستمرت لمدة قصيرة، لم تتعدى التسعة أشهر. وده علشان الإدارة كانت فوضوية شوية، وطبعاً أدى ده لنقص التمويل، ووقفت الحركة نشاطها. وعلى الرغم من الجهود الحثيثة والصادقة من القائمين على الحركة، إلا أنها مالحقتش تحدث ثورة في الأوساط الأكاديمية أو نجحت إنها تنتج نظام عالمي جديد، ولكن التجربة ككل قدرت إنها تسيب إرث للمستقبل. وعلى مدار الخمسين سنة اللي تلت التجربة ديه، اتغيرت توجهات التعليم الجامعي والأكاديميا بشكل على الرغم من إنه إستطاع إستيعاب توجهات لدارسة مواد نقدية زي الإستعمار وما بعده، الدراسات النسوية والجندرية، الممارسات عبر الثقافات، ونقد الهيمنة النيوليبرالية، إلا إنه إتطور من خلال مناهج أوروبية المركز فقط. وده بالاضافة إن الجامعات كمؤسسات، دابت في وسط النظم الاقتصادية النيوليبرالية، وأصبحت مساحات تجارية وجزء من نفس النظام اللي بتنتقده أبحاث نفس تلك الجامعات.

ومن هنا، رجعت تاني أصوات تنادي بالتدخل في شكل الجامعات، عالميًا. وده من حيث الهيكل التنظيمي، العلاقات ما بين الأساتذة والطلبة، الهياكل الاقتصادية والمالية للجامعات، المحتويات التعليمية وعلاقاتها بالواقع المحيط، من حيث سوق، سياسة، بيئة... إلخ. وظهرت مجموعة في 2015، بتحاول تبني على الأرث اللي سابته حركة مناهضة الجامعات في الستينيات، وتستمر بنفس الإسم. ولكن المرة دي كان من خلال تحدي التسلسل الهرمي الأكاديمي والطبقي، وده كان من خلال دعوة مفتوحة لتدريس وتعليم أي موضوع، بأي شكل، وفي أي مكان. لأن هدف الحركة هو تحقيق مساحات منظمة ذاتياً لمشاركة المعرفة، وتشجيع طرح بدائل لتحدي الأنظمة الاقتصادية اللي بتزود من اللامساواة، والتهميش، والعنف. وإن كل ده يتم دون الاضطرار لدفع مبالغ كبيرة للتعلم، واللي وصلت لإنها تبدأ ب9 آلاف إسترليني، كمصاريف للسنة الدراسية الواحدة في إنجلترا.

حركة مناهضة الجامعات في إنجلترا حاليًا، وعلى عكس الحركة السابقة، مالهاش مكان دائم، ولا فيها موظفين منتظمين أو قوائم طلاب، ولا رغبة في خلق مؤسسة، أصلاً. بدأت الحركة من خلال تساؤل عن إمكانية بناء هيكل تعليم ذاتي التنظيم، يقدر يوفر بديل عن الجامعات الأخرى اللي بقت تتشابه مع المصانع. الحركة حالياً بتهدف إلى إخراج التعليم من المؤسسات، ومنح أي شخص فرصة للمشاركة من خلال تعلم أو تدريس (أو الإتنين في نفس الوقت) محتوى تعليمي ومهارات، بقت غايبة عن الجامعات البريطانية.

في أول سنة للحركة، استهدفت تنظيم 5 فعاليات خلال عطلة نهاية الأسبوع، وكانوا متوقعين حضور عدد محدود. الواقع إن حضر 1200 شخص والفاعليات وصلت ل60 حدث عام، متنظم من90 شخص في المكتبات والمعارض، وحتى البارات والبيوت الخاصة. والمضيفون ماكانوش خبراء ولا أكاديميين. ولا الحاضرين كانوا مضطرين إجتياز أي إختبارات أو دفع رسوم. ماكنش فيه عملية تقديم أو قبول أو رفض، أصلاَ. والأنشطة ضمت جلسات نقاش عن مواضيع نقدية زي الممارسات النسوية، الأرشفة الراديكالية، التقاطعات البيئية مع المجالات الأخرى، علاقة الفن بالتعليم ما بعد الحركات العمالية، وأنشطة وعروض ثقافية مختلفة. والفعاليات ديه كلها ماتنظمتش من المجموعة المركزية القائمة على الحركة... كل اللي عملوه إنهم قدموا إطار عمل وسياق للمدعوين/ات، لتخيل وتنظيم وإدارة أنشطة من أي حد عايز يعيد تصور التعليم، من خلال مساهمة بحدث في مهرجان مدته أربع أيام. فدور القائمين على الحركة اقتصر على كونهم مُمَكّنين وميسرين، أكتر من كونه دور كمنسقين

وفي 2018، نجحت الحركة في تنظيم 320 حدث عام وضم أكتر من 5000 ضيف وضيفة، من خبراء وغير خبراء في مجالات التعليم.

أحدث بوستر لحركة مناهضة الجامعات من فاعليات 2022

المبادرات والحركات اللي من النوع ده، هي مش اختراع اللي قاموا بيها. تجارب لا نهائية من الجامعات المجانية، المدارس الصيفية، حلقات القراءة، وورش تبادل المهارات، وغيرهم من تجارب في العالم كله، كانوا مصادر إلهام لنجاح الحركة ديه في إنجلترا. وده بيطرح سؤال، لو التعليم الجامعي في المنطقة العربية محتاج تطوير، نقطة البداية هتكون إيه؟

كتابة: أحمد زعزع